دعاني الإباءُ فصغتُ مداهُ = أنا ابـنُ العـراق وفيّ تراهُ
أنا ابنُ العراق أموتُ وليس = يمـوتُ برغم الظلامِ سـناهُ
وأصنعُ في ساعديّّ الحياة = وألبسُ عندَ الصروف رَداهُ
فلا تنظرِ الجسـمَ منّي شتاتا = فـإنّي سـحابٌ تجـودُ يـداهُ
فما أبتغي غيرَ شمسِ العراقِ = ولا أرتجي في الحياةِ سواهُ
فما نالَ منّي حزامُ الجبانِ = ولا عبوةُ الموتِ تمحو هواهُ
نبتّ هنـا نخـلة ًمن وفـاءٍ = فتمري ولائي ،وسعفي صداهُ
فـما كنـتُ طفـلاً أجوعُ لـيتـمٍ = وأقـبلُ خـبزاً بغـير إناهُ
ولاكنتُ أُمّا تجود الدموعَ = على غائبٍ قد قضى في حِماهُ
وما كنتُ والدَ هذي العظام = إذا لم تكنْ في الخطوبِ فِداهُ
وما كنتُ يوماً سجينَ الخضوع = و أنظرُ كيفَ تسـيلُ دماهُ
وما كنتُ دمعاً يسيلُ لحزنٍ = وخـوفٍ ولكنْ لنصـرٍ أتاهُ
وما احتجتُ يوماً عطاءَ الصَّديق = لأقـبـلَ مـمّا يجـودُ عـداهُ
أعيشُ وجوعي نشيدُ التّمور = وأحـيا إذا مـا تُغنّي المياهُ
أنا ابنُ الحضاراتِ قبلَ العصور = وعندي تطولُ العلا غايتاهُ
فكم من شموخ ٍ تفرّع في را = فديّ فجئـتُ أعيـشُ مناهُ
أنا ابنُ الجراح وما أشتكي = نـزفَهَا ، ففؤادي قديـمُ نـداه
أنا ابنُ الرّسـالاتِ والأنبياءِ = وفجـرِ البزوغِ وعصـر ٍ تلاه
بقلبي أصوغُ الحروفَ سحابا ً = لتمـطرَ علماَ فـتُروى رُبـاهُ
دمي في المحافل حبرُ السِّنين = ويكتـبُ كيفَ جرى رافـداهُ
فـما أوثـقوني بـمـوت ٍ ولكـنْ = تــوقـّـدَ فـيّ بـهـاءُ لـواهُ
وهذا لأنّي عرفتُ الحسين = وصغتُ الوفاءَ لنحر ٍ فَداهُ
إذا ما أسيرُ أجوبُ السَّماءَ = لأنهلَ من فيضِ بعض جِداهُ
وهبْتُ حياتي لتحيا الزهور = ويعبقُ عطراً رحيقُ شذاه
وتبقى يتامى العراق بحضن = العراق ويبقى طهوراً ثراه [/color]